((( سعي وحظ )))
قريبٌ أمْ بَعيدٌ ما أوَدُّ . . . فقد ضَيَّعْتُ ما لا يُستَرَدُّ
قَضَيتُ العُمْرَ في الآمال حتى . . . كأنّي في بحور لا تُحَدُّ
فأغدو حيثما تغدو الأماني . . . وحظّي دائماً نأيٌ وبُعدُ
فلا أنا قاطعٌ وصْلي إليها . . . ولا عن نهجها ينـزاحُ صَدُّ
على أمَلٍ صحِبْتُ الدهرَ لكنْ . . . أرى أَمَلي نَفُوراً حيث أغدو
لماذا تجثُمُ الآلامُ حولي . . . وتَرحَلُ بهجةٌ ويغيبُ سَعدُ؟
كأنَّ الدهرَ مَشغوفٌ بِهَمّي . . . فحظّي مِن شدائدهِ الأشَدُّ
فمهما طالت الظُلُماتُ حولي . . . فَلَيسَ إلى بُزوغِ الفجرِ بُدُّ
ولو عَرَفَتْ لياليهِ ابتلائي . . . وكيفَ أماتني بُعدٌ وسُهْدُ؟
لَنُحْنَ عليَّ دمعاً لا انقطاعٌ . . . لهُ لِمصائبٍ ليستْ تُعَدُّ
ولكنْ عادةُ الأيّـامِ أنْ لا . . . تَرِقَّ فكيفَ يَصْحَبُهُنَّ وُدُّ؟
عَبوسٌ ما ابتسمتُ لها كأنّي . . . إلى أحزانها الشخصُ المُعَدُّ
نصيبي مِن سواحلها جَفافٌ . . . فما في بحرها جَزْرٌ ومَدُّ
وما قَصُرَتْ يدي لِنَوالِ مجدٍ . . . بها فالمجدُ حيثُ يكونُ مجدُ
ولكنْ ربما نَهَضَتْ حُظُوظٌ . . . فليسَ يقومُ سَعْيٌ وهْو فَرْدُ
فمَن ذا يشتري سعياً بِحَظٍّ؟ . . . فما باباً قَصَدتُ ولا يُسَدُّ
يُردُّ السَّعْيُ وهْو بدونِ عَيبٍ . . . وليس الحظُّ في الدنيا يُرَدُّ
كأنْ جثَمَتْ على حَظّي جبالٌ . . . عليها البومُ بالنَّحْساءِ تَشْدو
فلستُ بنائلٍ دوماً مُرادي . . . ولو قطَّعْتُ أنفاسي أكُدّ
عَجِبْتُ لهذهِ الدُنيا كثيراً . . . فلا رأيٌ يُحَكِّمُها ورُشْدُ
لِدربِ الشوكِ ذاهبة خُطاها . . . وتبعُدُ حيثُ أزهارٌ ووردُ
فليس ترى المباهجَ والأماني . . . فعيناها عن الآمالِ رُمْدُ
فهل بسبيلِها يوماً خلاصٌ . . . وهل عن مِعْصَمي ينفكُّ قيدُ؟
فليس بنهجِها شيءٌ جميلٌ . . . تَطِيبُ النفسُ فيهِ وتَسْتَجِدُّ
أ أُصبحُ فاقداً للذاتِ فيها . . . أُقادُ كأنَّني في الذُّلِّ عبْدُ
وما أنا بالذي أرضى بعَيشٍ . . . وَضِيعٍ ما لِنفسي فيهِ حَمْدُ
ولكنْ أَقْتَفي سُبُلَ المعالي . . . بِنَهْجٍ كُلُّهُ تَعَبٌ وجِدُّ
فليس اليأسُ يُدْرِكُني بتاتاً . . . وليْ صَبْرٌ على النَكَباتِ جَلْدُ
فحُسنُ الصبرِ في الدُنيا سبيلٌ . . . يَسِيرُ إلى الفضائلِ فيهِ صَلْدُ
ولو أنَّ العُلا سَهُلَتْ لَهانَتْ . . . ولكنْ دربها تعَبٌ وجُهْدُ
--
شعر/د. رشيد هاشم الفرطوسي
شعر/د. رشيد هاشم الفرطوسي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق