((( يا بحر )))
يـا بحـرُ .. يا سِحْرَ الحياةِ النّـائي . . . يا عالَم السُّجناءِ والطُّلَقاءِ
كم فيكَ مِن سِرٍّ .. وعُمْـقِ خواطِرٍ . . . تـاهَتْ بهِـنَّ ... مراكِبُ الآراءِ
كم فيكَ مِن عِظَمٍ يفوقُ رُؤى المدى . . . وعوالِمٍ في القاعِ ... تحتَ الماءِ
فالقاعُ يزخرُ في سكــونٍ شامِلٍ . . . والسطحُ مُصطَخِـبٌ مِنَ الأنـواءِ
فالموجُ فـي عُـنفٍ كأنَّ عُـبابَهُ . . . نحـوَ السـواحِلِ صارخُ الأصـداءِ
فتراهُ مُـمْتَـدَّ الرِّمالِ كـأنَّـهُ . . . فوق اتِّساعِ مَقـاطِعِ الصحراءِ
وهناك في عُمْقِ الظلامِ ترى الكُهوفَ . . . تعـيـشُ فيها أغربُ الأحياءِ
مِن ذاتِ أجنـحةٍ ... وذاتِ زعانفٍ . . . والـزاحفِ المائـيِّ والبَرمائي
فَتَنَـوَّعَتْ لُغـةُ التخاطُبِ بينهـا . . . في طُولِ ذبـذبـةٍ وفـي إيحاءِ
كُلٌّ لَدَيهِ طـريقـةٌ بـدفاعِهِ وهُجومِهِ . . . أو حِيلةُ الإخفاءِ
فتراهُ حِينــاً كالنبـاتِ وتـارَةً . . . كالـرَّملِ .. أو كالصَّخـرةِ الصَّماءِ
كم فيكَ مِن دُرَرٍ ومُـرجان تَزَخْرَفَ كالرُّبى الحمراءِ والصفـراءِ
ولآلـئ الـمَحّـار والحَجَرِ العجيبِ الـّرائع الألـوانِ والأسمـاءِ
وتناسُقُ الأسـرابِ للسَّمَكِ الملوَّنِ في انسيـابٍ باهِرِ الأجواءِ
فَتَـراهُ مملكةٌ غـريـبٌ وصفُـها . . . مَخْفِـية الأحـداثِ كُلَّ خَفَـاءِ
لم تَـدْرِ كيف تعايشَتْ أصنافُها . . . تحتَ المياهِ قليلةِ الأضواءِ
ما بـينَ مُفتَـرِسٍ وبين مُـسالِـمٍ . . . تقضـي عليهِ عـداوةُ الأعـداءِ
فكأنمـا لك في الحـياة تـشابـه . . . فـي مقـتـل العُزَلاءِ والضُّعفاءِ
بِشَـراسةِ الحيتانِ للسمَكِ الصغيرِ . . . وسطوةِ الأحجامِ والأهواءِ
فَـتَجَـمَّعَتْ كُلُّ العجـائبِ تحتَهُ . . . ما طـاوَلَتها كَثــرةُ العُلماءِ
ناديتهُ : يـا بحـرُ ...كم قَصَصٍ سمعـنا عـنكَ ..؟كم هَوْلٍ بها وشَقاءِ ..؟
وكم ادِّعاءٍ حولَ أصلِ الناسِ مِنكَ ..؟ فهل إليك مَراجِـعُ الإنشـاءِ ..؟؟
فأجابـني وَحـياً .. بصمتٍ مُطبقٍ . . . وبـنظرةِ الحُكـماءِ والعُـقـلاءِ
أنتم .. بَنِي البَشَرِ استقَرَّ برأيكمْ . . . نحو المجاهِلِ نظرةُ الجُهَلاءِ
فتَـرَونَ في الخَلْقِ العظيمِ مَذاهِبـاً . . . نُسِبَتْ إليها أغربُ الأشـياءِ
أ فَهَـل تـرانـي غـيرَ ماءٍ ما بِهِ . . . غيـر امـتـدادٍ واسعِ الأرجاءِ ؟
--
شعر/د./ رشيد هاشم الفرطوسي
شعر/د./ رشيد هاشم الفرطوسي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق